التمويل عنصر حاسم في إطلاق امكانيات تحول قطاع الطاقة

إنّ طموحات الأهداف المُناخية الحالية مازالت قاصرة على المستوى العالمي، كما أنها لا تأخذ في اعتبارها ارتفاع استهلاك الطاقة كنتيجة لتوفير امدادات الطاقة للقطاعات الاقتصادية المختلفة من مصادر متجددة. فبينما يمثل توفير امدادات الطاقة الكهربائية فرصة حيوية لتحقيق النمو الاقتصادي، إلا أنّ التحول الكبير الذي تشهده القطاعات الصناعية من ناحية الطلب، وكذلك الجوانب المتعلقة بتوليد نقل وتوزيع الكهرباء ستحتاج إلى توجيه ودعم حكومي مستقبلًا.

 

بقلم: مايكل بوكر-نائب الرئيس للقطاع المالي بمنطقة الشرق الأوسط، سيمنس للطاقة

 

إنّ الاقتصاد العالمي يواجه حالة من الركود الكبير نتيجة الآثار السلبية الواسعة لتفشي وباء كورونا المستجد على المستوى العالمي. فالبشر في جميع أنحاء العالم شهدوا مروا بتغيرات عميقة في حياتهم نتيجة هذا الوباء بما في ذلك حدوث: الركود الاقتصادي والبطالة والتغير المناخي. ويشير البنك الدولي إلى أنّ تفشي وباء كورونا المستجد كان السبب الرئيسي وراء أسوأ موجة للركود العالمي منذ عقود. وكان رد الفعل العالمي تجاه هذا الوباء مذهلًا قوى ، حيث تم تخصيص حوالي 02% من اجمالي الناتج العالمي في شكل برامج للحوافز والمساعدات الاقتصادية والمالية بهدف مساعدة الاقتصاد العالمي والقطاعات الصناعية المختلفة على الصمود أمام آثار الوباء العالمي الآخذ في الانتشار.

 

إننا كدول وشركات وبشر، في حاجة ملحة للتصميم الدقيق لبرامج الحوافز الاقتصادية العالمية واستخدامها بكل كفاءة في دفع عجلة التحول في قطاع الطاقة، كما يجب علينا أن خلق عالم جديد يصبح فيه الاقتصاد القائم على إعادة تدوير الموارد، ونظم الطاقة والصناعات الخالية من الانبعاثات الكربونية من المعايير والممارسات اليومية المعتادة. ولكن قد يبدو هذا الأمر شاقًا إذا ما أخذنا في الحسبان التكاليف الهائلة والتغيرات الكبيرة المطلوبة، بل أنّ هذا الأمر مليئًا بالتحديات المرتبطة بالتخصيص الكفء لرؤوس الأموال، وتحقيق التوازن بين المخاطر والعوائد، والاعتماد على تطبيقات تكنولوجية جديدة. وعلى الرغم من كل ذلك، إلا أن هذا التغيير سيكون مثمرًا وله آثار بيئية واجتماعية ايجابية عميقة، ولكنه يقترن بضرورة تطبيق معايير الحوكمة وتنفيذ برامج طموحة للحوافز الاقتصادية وضخ استثمارات مربحة في الطاقة من جانب القطاع الخاص.

 

وفي هذا الإطار، يُعد التمويل من العوامل التي لا غني عنها في إتمام التحول في قطاع الطاقة، كما أنه يمثل التحدي الأكبر للعديد من المشروعات، خاصة تلك التي تعتمد على تكنولوجيا ثورية جديدة، أو في الدول التي تعاني من عدم الاستقرار السياسي، أو في المناطق التي تعاني من الضعف الاقتصادي، أو حتى في الدول التي تعاني من وطأة الديون السيادية.

لقد أصبحت حكومات الدول المتقدمة بالاضافة لبعض حكومات الدول النامية، أكثر رغبة ووعيًا بالحاجة الماسة للتخلص من الانبعاثات الكربونية، ووضع إطار تشريعي وإصلاحات هيكلية لقطاع الطاقة. وبالطبع هناك بعض الجهود في مجال الطاقة الخضراء هنا وهناك، مع ازدياد عدد الدول الراغبة بصدق وجدية في تنفيذ برامج الطاقة المتجددة على نطاق واسع، وتطبيق استراتيجيات وطنية للتخلص من الانبعاثات الكربونية.

 

من ناحية أخرى، يعيد المستثمرين المؤسسيين تقييم استراتيجيتهم الاستثمارية، وإعادة توجيه وتخصيص أموالهم للاستثمار في المشروعات المحايدة كربونيًا أو الهادفة للتخلص من الانبعاثات الكربونية، بدلًا من توجيهها إلى المشروعات والاستثمارات الكثيفة في الانبعاثات الكربونية.

 

لقد كان شهر سبتمبر من الشهور الفارقة بكل المقاييس، ليس فقط لأنه الشهر الذي تم فيه انفصال سيمنس للطاقة عن الشركة الأم وادراجها في بورصة فرانكفورت للأوراق المالية كشركة مستقلة تركز على تحقيق التحول في قطاع الطاقة، ولكن ايضا لأنّ ألمانيا أصدرت خلال سنداتها السيادية الخضراء بقيمة 7.7 مليار دولار، ودخلت مصر أيضًا سوق السندات الخضراء حيث أصدرت سندات بقيمة 750 مليون دولار، كما تمكنت شركة الكهرباء السعودية المملوكة للحكومة من جمع 1.3 مليار دولار من الصكوك الخضراء الأولى من نوعها في المملكة

 

 

 

 

بقلم: مايكل بوكر-نائب الرئيس للقطاع المالي بمنطقة الشرق الأوسط، سيمنس للطاقة