مساهمة الشراكات في تحقيق النمو المستدام والتخلص من الانبعاثات الكربونية
حل علينا عام 2021 ونحن نشعر ببعض الأمل والتفاؤل، بدافع من الالتزام العالمي المتزايد بالاستدامة والتعامل الجاد مع قضايا التغير المناخي، والجهود العالمية الصادقة في التخلص من الانبعاثات الكربونية. ومع ذلك، مازلنا نتطلع لمزيد من التعاون والجهد للوصول لهدفنا العالمي المشترك.
إنّ العالم بأسره يواجه تحديات هائلة. فالتغير المناخي والعولمة والتحول الرقمي ووباء كورونا، كلها وضعت الحكومات والشركات والمجتمعات في أزمات وظروف لم يسبق للعالم أن شهد مثيلًا لها في العصر الحديث. فعلى سبيل المثال، يُعد التغير المناخي من القضايا الملحة لهذا الجيل، وبالتالي يجب مجابهة عواقبها السلبية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.
بالإضافة لذلك فإنّ الطلب على الطاقة يشهد تزايدًا مطردًا، ومن المتوقع بحلول 2040 أن يرتفع الطلب على الطاقة الكهربائية بنسبة 50 بالمئة، بينما مازال هناك حوالي 800 مليون شخص حول العالم ليس لديهم كهرباء حتى الآن.
ولكن في خضم هذه التحديات الجِسام، تلوح في الأفق عددٌ من الفرص الثمينة. فالحكومات على وجه التحديد يمكنها استغلال هذه اللحظة الفارقة في وضع خطط مبتكرة وزيادة الاستثمارات الموجهة لتطوير اقتصاديات صديقة للبيئة وأكثر استدامة، وبينما أتكلم الآن، أصبحنا نشهد هذا التوجه الآخذ في النمو على المستوى العالمي.
إن الاستدامة تمثل ركيزة رئيسية للتخلص من الانبعاثات الكربونية، حيث ينبغي أن تكون الاستدامة من أهم الاعتبارات التي تأخذها الدول والشركات في حسبانها. وعلى الرغم من أن الاستدامة تمثل مصطلحًا فضفاضًا بعض الشيء، إلا أن لها تطبيقات وحلول محددة يمكنها معًا المساهمة في خفض الانبعاثات الكربونية وتقليل الفاقد وتخفيض التكاليف، وفي النهاية تحقيق النمو على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.
هذا وتوفر أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر التي وضعتها الأمم المتحدة لعام 2030، إطارًا وسبيلًا واضحًا وعمليًا لإرشادنا وتوجيهنا كشركات في وضع خططنا وعملياتنا التشغيلية. ولتأكيد التزامنا بهذه الأهداف الإطارية، أطلقت سيمنس للطاقة في نهاية 2020 أول تقريرها الشاملة للاستدامة.
إنّ أهداف التنمية المستدامة والأهداف المرتبطة بها تقدم فهمًا جديدًا لكيفية توافق التنمية الاقتصادية مع التحديات الاجتماعية والبيئية، وهو ما يعمل على تحفيز التغيير ودفع التحول. لذا على الحكومات والشركات والمدن والمجتمعات المدنية العمل والتعاون معًا، والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
وهناك مزايا وفوائد جمة من تبني وتطبيق مستوى أعلى من الاستدامة، وهو ما يضفي على أسبوع أبو ظبي للاستدامة 2021 أهمية خاصة هذا العام. إنّ المعلومات والشراكة هما أهم الأدوات لتحقيق الأهداف المناخية والبيئية والتخلص من الانبعاثات الكربونية. فأسبوع أبو ظبي للاستدامة 2021 يكتسب اهتمامًا خاصًا في هذا التوقيت بالتحديد، حيث يجتمع فيه مجموعة متنوعة من أصحاب المصالح والمهتمين بقضايا الاستدامة العالمية من ممثلي الحكومات والممولين ومنتجي الطاقة ومبتكري التكنولوجيا ومشغلي المرافق والمؤسسات التعليمية وغيرهم، من أجل تعميق الفهم بقضايا الاستدامة العالمية والخروج بعدد من الحلول المبتكرة.
ففي ظل هذا العالم المعقد والمتشابك الذي نعيش فيه جميعًا، لا يمكن ولا يجب لأي شركة أو دولة أن تبقى وحيدة ومنعزلة، بل يجب علينا التعاون من أجل الاستفادة من مواطن قوتنا.
إننا في سيمنس للطاقة نركز على أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر من منظور الهدف السابع الذي يؤكد على حق الجميع في الحصول على طاقة مستدامة ورخيصة وحديثة ويُعتمد عليها. فالطاقة تمس كل مكونات المجتمع، بداية من استخدامات الطاقة اليومية وتشغيل الآلات التي تستخرج النفط والغاز الطبيعي، وصولًا إلى لطاقة التي تضيء منازلنا وبُنانا التحتية وشركاتنا وأجهزتنا الشخصية.
وقد قام العالم بالفعل بالتحول من استخدام الطاقة المعتادة مثل الفحم وأنواع الوقود التقليدي الأخرى الكثيفة في انبعاثاتها الكربونية، إلى مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. هذا ويشهد التحول إلى الطاقة المتجددة نمواً ملحوظاً، حيث تتحول البلدان والشركات في جميع أنحاء العالم بشكل متزايد نحو استخدام حلول الطاقة عديمة الانبعاثات الكربونية والتي من بينها مصادر الطاقة المتجددة.
ومن المنتظر أن يمهد هذا التوجه للانتقال إلى استخدام مصادر طاقة جديدة خالية من الكربون مثل الهيدروجين الأخضر، الذي له استخدامات في تطبيقات متنوعة، بداية من إنتاج الطاقة إلى الصناعات التحويلية وإنتاج المواد الكيميائية.
لكن هذا التحول يتطلب شركاء من مختلف الصناعات يتمتعون بالرؤية والجرأة، ومستعدين للاستثمار في الابتكار واتخاذ قرارات جريئة. فمن خلال هذا التحول، ستنطلق العديد من التقنيات المبتكرة والصناعات والمهارات والاقتصاديات الجديدة، بالإضافة إلى خلق عدد هائل من الوظائف الجديدة. ولا يمكننا تحقيق ذلك إلا بالعمل المشترك والاستفادة من خبرات بعضنا البعض وتطوير الحلول المبتكرة من أجل المستقبل.
في الوقت نفسه، تمر كل دولة بمرحلة مختلفة من مراحل التحول وبالتالي تتطور بشكل مختلف عن غيرها. فليس هناك حل سحري في مكافحة التغير المناخي، لذلك لابد من إيجاد حلول مصممة لتتوافق مع ظروف كل دولة، سواء كانت تلك الظروف تمويلية أو تكنولوجية أو متعلقة بتوفير موارد أو تيسير الوصول لموقع توليد الطاقة.
وبالفعل تسبق بعض البلدان-مثل الإمارات العربية المتحدة- مثيلاتها بكثير في هذا المجال، من خلال أهداف واضحة وطويلة الأجل، وتمويلات مخصصة للاستثمار ودعم المشروعات القائمة. فمن الهيدروجين الأخضر الذي يعتمد على الطاقة الشمسية، إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة حلول توليد الطاقة، واستخدام البيانات الكبيرة في إدارة إنتاج النفط والغاز بكفاءة، نجد أنّ الإمارات قطعت خطوات هائلة ومنسقة في هذا الشأن. فمثل هذه التطورات تشكل أساسًا راسخًا لبناء اقتصادات جديدة مستدامة.
إن الأهمية التي توليها الهيئات والمؤسسات في المنطقة للاستثمار في تقنيات التخلص من الانبعاثات الكربونية تنبئ بفرص واعدة، ولكن يجب العمل على تطوير المزيد من تلك الفرص، والتعاون مع شركاء جدد في القطاع بأكمله لتحقيق النمو والابتكار المستدامين من خلال التنوع. لذلك نتطلع للمشاركة في أسبوع أبو ظبي للاستدامة، خاصة في هذه الفترة الهامة من تاريخ قطاع الطاقة. y.